من معالم کربلاء الأثریة والأماکن المقدسة التی یتبرک بها الزوار المخیم ویقع فی الجنوب الغربی من الحائر الحسینی, یؤخذ من أقوال المؤرخین ان المخیم الحالی الذی نتحدث عنه لایمت إلى الحقیقة بصلة ولا یستند إلى دلیل أو برهان, ولذا لم نجد أثر یذکر لموقع مخیم الحسین فی کتب ارباب السیر والتواریخ.
وقد زار کربلاء الرحالة الالمانی کارستن نیبور فوصلها یوم 27 کانون الاول سنة 1765 م. ولنترکه یصف لنا ما شاهده فی المخیم قال: ان هذا الموقع قد اصبح حدیقة غناء واسعة الارجاء تقع فی نهایة البلدة وتشاهد فیه برکة کبیرة من الماء, وموقع هذه البرکة هو نفس الموقع الذی کان الامام العباس قد حفر فیه لایجاد الماء فلم یعثر على شیء منه. ویروی نیبور بالمناسبة ان الناس هناک کانوا یعتقدون بأن ظهور الماء فی البرکة بعد ذلک یعتبر من المعجزات.
وقد أشار إلى وجود هذه البرکة الکبیرة فی الموقع نفسه الرحالة البرتغالی تکسیرا الذی زار کربلاء فی 1604 م أی قبل مجیء نیبور إلیها بمئة وستین سنة, کما ذکر قبل هذا. ومما یذکره کذلک ان موقع المخیم کان یوجد بقربه مرقد غیر کبیر, دفن فیه القاسم بن الامام الحسن علیه السلام وعدد من الشهداء الآخرین الذین سقطوا فی معرکة التضحیة والبطولة یوم عاشوراء ویسرد بالمناسبة قصة القاسم الشاب وعرسه المعروفة.
ویروی الرحالة أبو طالب خان فی رحلته عند زیارته لکربلاء سنة 1217هـ قائلاً: وعلى بعد ربع میل خارج المدینة قریة المخیم ومقام زین العابدین علیه السلام شیدت علیه زوجة المرحوم آصف الدولة عمارة لائقة, وأقامت قربه رباط لم یتم. غیر ان هناک رأیاً للعلامة السید محمد تقی الطباطبائی نقله عن المرحوم العلامة السید حسن الصدر یقول فیه:ان مخیم الحسین کان قریباً من المستشفى الحسینی فی کربلاء الیوم, ویغلب على الظن ان هذا الموضع أقرب إلى الصواب الأمر الذی اکتفینا بالتنویه عنه.
والمرجح عندنا ان المخیم الحالی من ألابنیة التی ابتدعها مدحت باشا من أجل ضیافة السلطان ناصر الدین شاه وعساکره وحاشیته. کما یؤکد بعض الثقاة ان عبد المؤمن الدده تولى بناء غرفة فی هذا المکان لتکون رمزاً لمخیم الحسین, وذلک عندما قطن کربلاء فی القرن العاشر الهجری وغرس بجنبه نخیلات لتکون صومعة له. ولم یزل البستان الواقعة جنب المخیم تعرف ببستان الدده.
وعندما أتم السید علی الطباطبائی المشهور بصاحب الریاض بناء سور لکربلاء سنة 1217 هـ بعد غارة الوهابیین أتخذ هذا المحل مقبرة لدفن الموتى واستبدل الطرف بمحلة المخیم, وکانت قصبة کربلاء القدیمة التی شیدها عضد الدولة البویهی فی المائة الرابعة الهجریة تحتوی على ثلاثة أطراف: یدعى الطرف الاول منها بمحلة آل فائز والطرف الثانی بمحلة آل زحیک والطرف الثالث بمحلة آل عیسى, وعندما أتم السید علی الطباطبائی بناء سور کربلاء جعل له ستة أبواب عرفت کل باب باسم خاص واستبدل أسماء الأطراف بأسماء تلک الأبواب کما هو علیه الحال الیوم. وبعد مجیء مدحت باشا هدم قسماً من السور من جهة طرف باب النجف وأضاف طرفاً آخر إلى البلدة سمی بمحلة العباسیة, فأصبحت لکربلاء سبعة أطراف.